للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اجتماع الطاعة والمعصية في العبد دليل اجتماع الولاية والعداوة]

قال رحمه الله تعالى: [وإن كان في هذا الأصل نزاع لفظي بين أهل السنة، ونزاع معنوي بينهم وبين أهل البدع كما تقدم في الإيمان، ولكن موافقة الشارع في اللفظ والمعنى أولى من موافقته في المعنى وحده، قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦]، وقال تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:١٤]، وقد تقدم الكلام على هذه الآية، وأنهم ليسوا منافقين على أصح القولين.

وقال صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)، وفي رواية: (وإذا اؤتمن خان)، بدل: (وإذا وعد أخلف)، أخرجاه في الصحيحين.

وحديث شعب الإيمان تقدم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، فعلم أن من كان معه من الإيمان أقل القليل لم يخلد في النار، وإن كان معه كثير من النفاق فهو يعذب في النار على قدر ما معه من ذلك، ثم يخرج من النار].

هذا الكلام فيه عودة إلى تقرير أن الإيمان يزيد وينقص، وكأنه يشير إلى أن الولاية والعداوة كذلك تزيدان وتنقصان، وأن الولاء والبراء يزيدان وينقصان بقدر ما عند الإنسان.

قال رحمه الله تعالى: [فالطاعات من شعب الإيمان، والمعاصي من شعب الكفر، وإن كان رأس شعب الكفر الجحود، ورأس شعب الإيمان التصديق.

وأما ما يروى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من جماعة اجتمعت إلا وفيهم ولي لله لا هم يدرون به ولا هو يدري بنفس)؛ فلا أصل له، وهو كلام باطل؛ فإن الجماعة قد يكونون كفاراً، وقد يكونون فساقاً يموتون على الفسق].