للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخلاف في عدد الكبائر وحقيقتها]

قال رحمه الله تعالى: [واختلف العلماء في الكبائر على أقوال، فقيل: سبعة، وقيل: سبعة عشر، وقيل: ما اتفقت الشرائع على تحريمه، وقيل: ما يسد باب المعرفة بالله، وقيل: ذهاب الأموال والأبدان، وقيل: سميت كبائر بالنسبة والإضافة إلى ما دونها، وقيل: لا تعلم أصلاً، أو: إنها أخفيت كليلة القدر، وقيل: إنها إلى السبعين أقرب، وقيل: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة، وقيل: إنها ما يترتب عليها حد، أو توعد عليها بالنار، أو اللعنة، أو الغضب، وهذا أمثل الأقوال].

هذا هو أجمع الأقوال، خاصة إذا أضيف إليه الإصرار على الصغيرة، فالكبيرة ما يترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد بالنار في الآخرة أو اللعنة أو الغضب من الله عز وجل، وكذلك ما يشابهه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا)، (من تشبه بقوم فهو منهم) إذا كان التشبه يتعلق بالأمور العقدية والعبادية ونحوها، وكذلك البراءة من الفاعل ونحو ذلك، فالمهم أن الألفاظ التي يفهم منها الوعيد بأي وجه مع الإصرار على الصغائر نستطيع أن نفرق بها بين الكبيرة والصغيرة وإن لم تكن حدية قاطعة، لكنها أحسن الضوابط، تجمع الفروق بين الصغيرة والكبيرة بشيء من الدقة.

قال رحمه الله تعالى: [واختلفت عبارات قائليه: منهم من قال: الصغيرة ما دون الحدين: حد الدنيا وحد الآخرة].

المقصود بذلك الحدود في الدنيا، وحد الآخرة الذي هو الوعيد بالنار ونحو ذلك، كالوعيد بعذاب القبر.

قال رحمه الله تعالى: [ومنهم من قال: كل ذنب لم يختم بلعنة أو غضب أو نار، ومنهم من قال: الصغيرة ما ليس فيها حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة، والمراد بالوعيد: الوعيد الخاص بالنار أو اللعنة أو الغضب، فإن الوعيد الخاص في الآخرة كالعقوبة الخاصة في الدنيا، أعني المقدرة، فالتعزير في الدنيا نظير الوعيد بغير النار أو اللعنة والغضب].

ضوابط الصغيرة هنا تعود إلى ضوابط الكبيرة، فإذا قلنا: إن ضوابط الكبيرة هي تلك الضوابط؛ فالصغيرة ما دون ذلك، وهذا ما أراد أن يقرره، لكن فصله مرة أخرى على وجه كان ينبغي أن يقرره على القاعدة الأولى، فيقول: ما دون ذلك فهو صغيرة، وينتهي الإشكال.