[منهج الصحابة في تلقي خبر الواحد منهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]
السؤال
ألم يرد أن أبا بكر رضي الله عنه كان لا يأخذ في بعض الأحيان إخبار بعض الصحابة حتى يتأكد من غيرهم؟
الجواب
ليس إخبار الناس بعضهم عن بعض، أو الصحابة بعضهم عن بعض، أو أخبارهم فيما بينهم كإخبارهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرق بين هذا وذاك، فالصحابة لم يردوا قول أحد ممن قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو: رأيت، أو: قال لي، أو كنت عنده، فأي واحد من الصحابة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أو يروي عنه فعلاً أو تقريراً كان الجميع يسلمون له، وبعض القصص التي حدثت من عمر في التثبت ليست راجعة إلى شكه في خبر الآحاد، بل راجعة إلى معان أخرى، كما شك حين سمع من يقرأ آيات على غير قراءته، فقد يكون في بعض هذه الأمور ملابسات أو قرائن لا ترجع إلى رد الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما ترجع إلى أمور أخرى تكتنف الحال، وإلا فإن الصحابة كلهم -ومنهم الخلفاء الراشدون- كانوا ينفذون خبر الواحد في الدين، ولم يكونوا يشددون على الصحابة في أمر يتعلق بالرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت آحاداً، وكثير من روايات الصحابة فيما بينهم كانت آحاداً، خاصة في بعض الأمور التي لا يتوافر فيها عدد ممن سمعوا، وأقصد أنه في كثير من الوقائع التي تحدث للصحابة يكون الراوي للحديث واحداً، فيقبل الحديث مع أنه لم يصل إلا عن طريق هذا الواحد، ولا يعلمون أنه رواه غيره إلا فيما بعد، ومع ذلك يقبلون الحديث لأول وهلة بمجرد أن رواه الواحد، وما يرد من حالات استثنائية لأمور لها ملابساتها ولها ظروفها ولأسباب معقولة عند أهل العلم لا تؤثر في الأصل.