وأما استدلال المعتزلة بقوله تعالى:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون:١٤]، فمعنى الآية: أحسن المصورين المقدرين، والخلق يذكر ويراد به التقدير، وهو المراد هنا، بدليل قوله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد:١٦]، أي: الله خالق كل شيء مخلوق، فدخلت أفعال العباد في عموم (كل) وما أفسد قولهم في إدخال كلام الله تعالى في عموم (كل)، الذي هو صفة من صفاته، يستحيل عليه أن يكون مخلوقاً.
وأخرجوا أفعالهم التي هي مخلوقة من عموم (كل)، وهل يدخل في عموم (كل) إلا ما هو مخلوق؟ فذاته المقدسة وصفاته غير داخلة في هذا العموم، ودخل سائر المخلوقات في عمومها، وكذا قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[الصافات:٩٦]، ولا نقول: لأن (ما) مصدرية، أي: خلقكم وعملكم؛ إذ سياق الآية يأباه؛ لأن إبراهيم عليه السلام إنما أنكر عليهم عبادة المنحوت لا النحت، والآية تدل على أن المنحوت مخلوق لله تعالى، وهو ما صار منحوتاً إلا بفعلهم، فيكون ما هو من آثار فعلهم مخلوقاً لله تعالى، ولو لم يكن النحت مخلوقاً لله تعالى لم يكن المنحوت مخلوقاً له، بل الخشب أو الحجر لا غير.