[البدع من جنس الذنوب في التكفير ببعضها وامتناعه ببعضها]
قال المصنف رحمه الله تعالى:[والمقصود هنا: أن البدع هي من هذا الجنس].
يعني: من جنس الذنوب والكبائر، وإن كانت البدع أغلظ ولا شك، لكن عند التفصيل لا تخرج عن جنس الذنوب، فالبدع منها صغائر ومنها كبائر ومنها مكفرات ومنها مخرجات عن الملة.
قال رحمه الله تعالى:[فإن الرجل يكون مؤمناً باطناً وظاهراً، لكن تأول تأويلاً أخطأ فيه، إما مجتهداً وإما مفرطاً مذنباً].
ولذلك ما كفر السلف أهل البدع المؤولة، مثل أكثر المعتزلة وبعض الجهمية والخوارج وأصحاب البدع العملية الذين لا يرتكبون الشركيات، هؤلاء لم يكفرهم السلف مع أنهم بدعوهم وهجروهم وتكلموا فيهم وقبحوا أعمالهم، وأمروا بتعزيرهم أحياناً، ومع ذلك لم يكفروهم.
قال رحمه الله تعالى:[فلا يقال: إن إيمانه حبط بمجرد ذلك، إلا أن يدل على ذلك دليل شرعي، بل هذا من جنس قول الخوارج والمعتزلة، ولا نقول: لا يكفر، بل العدل هو الوسط، وهو أن الأقوال الباطلة المبتدعة المحرمة المتضمنة نفي ما أثبته الرسول أو إثبات ما نفاه، أو الأمر بما نهى عنه أو النهي عما أمر به؛ يقال فيها الحق، ويثبت لها الوعيد الذي دلت عليه النصوص، ويبين أنها كفر، ويقال: من قالها فهو كافر، ونحو ذلك، كما يذكر من الوعيد في الظلم في النفوس والأموال، وكما قد قال كثير من أهل السنة المشاهير بتكفير من قال بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة ولا يعلم الأشياء قبل وقوعها].