[النصوص الواردة في إثبات وجود الجنة والنار الآن]
قال رحمه الله تعالى: [فمن نصوص الكتاب قوله تعالى عن الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٣].
{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد:٢١].
وعن النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤].
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلْطَّاغِينَ مَآباً} [النبأ:٢١ - ٢٢].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم:١٣ - ١٥]].
القرآن جاء بلسان عربي مبين، والله عز وجل تكلم به ولا يتكلم الله إلا بالحق، والإعداد المذكور في الآيات هو الخلق والوجود السابق.
قال رحمه الله تعالى: [وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى، ورأى عندها جنة المأوى، كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة الإسراء، وفي آخره: (ثم انطلق بي جبريل حتى أتى سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، قال: ثم دخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك).
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة).
وتقدم حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وفيه: (ينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها)، وتقدم حديث أنس بمعنى حديث البراء.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث، وفيه: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم به، حتى لقد رأيتني آخذ قطفاً من الجنة حين رأيتموني أقدم، ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرت)].
هذه أحاديث صريحة بأن الجنة والنار موجودتان.
أما قوله: (فأفرشوه من الجنة) أي: أن الميت إذا كان من أهل الصلاح والاستقامة يفرش له من الجنة، ويرى منزله من الجنة رؤية حقيقية؛ لأن هذه الأخبار حق، وتقع في زمن الدنيا، وإلا فأحوال البرزخ وأحوال القبر تختلف عن أحوال الدنيا، لكنها في زمن الدنيا الذي يعيشه الأحياء إذا مات الميت من هؤلاء الأحياء فإن كان من أهل الخير يرى منزله من الجنة، ويفرش له من الجنة، فتكون الجنة موجودة معاينة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم -وخبره الصدق والحق- في أثناء المعراج بما رآه، وكذلك أخبر صلى الله عليه وسلم حينما كسفت الشمس أنه رأى الجنة ورأى النار عياناً، كما ورد في الحديث الصحيح، وهذا دليل على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان، وأن هذه الأخبار ليست أخباراً توهيمية تخييلية، كما يزعم الفلاسفة وأذناب الفلاسفة، ممن لا يؤمنون بالله ولا برسله.
قال رحمه الله تعالى: [وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث، وفيه: فقالوا: يا رسول الله! رأيناك تناولت شيئاً في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت؟ فقال: إني رأيت الجنة فتناولت عنقوداً، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أرَ منظراً كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بمَ يا رسول الله؟ قال: يكفرن.
قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت خيراً قط).
وفي صحيح مسلم من حديث أنس: (والذي نفسي بيده! لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً وبكيتم كثيراً، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار).
وفي الموطأ والسنن من حديث كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة).
وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة.
وفي صحيح مسلم والسنن والمسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة، فقال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، فرجع فقال: وعزتك! لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بالجنة فحفت بالمكاره، فقال: ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فنظر إليها ثم