بيان أن الله تعالى لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ولا يشبهه شيء من مخلوقاته
قال رحمه الله تعالى:[وكما أنه لا يشبه شيئاً من مخلوقاته تعالى لا يشبهه شيء من مخلوقاته، لكن المخالف في هذا النصارى والحلولية والاتحادية لعنهم الله].
النصارى تبعتهم الباطنية والرافضة ونحوهم، واليهود أيضاً تبعتهم المشبهة، فاليهود شبهوا الله بخلقه وزعموا أن الله كالخلق، والنصارى أشركوا من جانب آخر، وهو أنهم شبهوا المخلوق بالله، فنفوا عن الله الأسماء والصفات، لكنهم شبهوا المخلوق بالله، فلذلك عبدوا عيسى على أنه روح الله، وزعموا أنه ابن الله! تعالى الله عما يزعمون.
إذاً: فاليهود تشبه الله بالمخلوقين، والنصارى تشبه المخلوقين بالله، والطوائف التي وقعت في الكفر والضلال إما تبع لليهود وإما تبع للنصارى، وبعضها يجمع بين الأمرين، كغلاة المتصوفة وغلاة الباطنية وغلاة الفلاسفة، يجمعون بين التشبيه من جانب وبين التعطيل من جانب آخر، فيعطلون الله من أسمائه وصفاته التي ثبتت في القرآن والسنة، لكنهم يشبهون الله بخلقه بصفات ابتدعوها من عند أنفسهم.
قال رحمه الله تعالى: [ونفي مشابهة شيء من مخلوقاته له مستلزم لنفي مشابهته لشيء من مخلوقاته، فلذلك اكتفى الشيخ رحمه الله بقوله:(ولا يشبه الأنام).
والأنام: الناس، وقيل: الخلق كلهم، وقيل: كل ذي روح، وقيل: الثقلان.
وظاهر قوله تعالى:{وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ}[الرحمن:١٠] يشهد للأول أكثر من الباقي، والله أعلم].