[الموقف من اجتهادات المعتزلة ونحوهم في المسائل الفرعية]
السؤال
بعض الطلاب في بعض الكليات ينقلون عن بعض الأساتذة أنه يقول: نحن نأخذ بآراء المعتزلة في الفقه ونوافقهم على ذلك إذا كان ذلك صحيحاً، ولكن لا نوافقهم في العقائد؟
الجواب
هناك قاعدة عامة عند السلف، وهي أن الحق يؤخذ من مصادره من الكتاب والسنة ومن آثار السلف الصالح، وأن هذا الحق قد يوافقه أهل الباطل فيأخذون به، فيؤخذ الحق لا لأنه منهم، لكن لأنه جاء من مصدره الصحيح وهو الكتاب والسنة، فعلى هذا قد يوافق قول أهل السنة قول المعتزلة أو بعض المعتزلة في الأحكام الاجتهادية، ولا يضر ذلك بقول أهل السنة والجماعة، ولا ينبغي أن يؤدي بهم إلى أن يعدلوا عن القول الحق بمجرد أن قاله المعتزلي، هذا أمر.
الأمر الآخر: أنه قد يكون اجتهاد كثير من المعتزلة في الأحكام موافقاً لاجتهاد السلف في مسائل الأحكام في الفقه وأصول الفقه واللغة وغيرها، وموافقتهم لهم لأنهم أخذوا بمصدر صحيح، وهو التلقي عن الكتاب والسنة، وقد يوافقون الحق قدراً، ومع ذلك لا يرد الحق لكونه جاء عن المعتزلة.
إذاً: الصحيح من هذا أنا قد نأخذ بالآراء الصائبة التي جاءت بأدلة صحيحة وإن قال بها المعتزلة، لكن لا نأخذها على أنها عنهم، بل نأخذها على أنها جاءت في الكتاب والسنة.
ثم إن هناك أمراً آخر يجب التنبه له، وهو أنه ما من حق قال به أهل الأهواء إلا وقد سبقهم إليه أهل السنة، وهذه قاعدة، فلا يمكن أن ينفردوا بقول حق، فأهل الأهواء قد يقولون الحق في كثير من الأمور الاجتهادية ويوافقون الحق، فإذا قالوا بالحق ووافقوه فلا يعني أنهم انفردوا به، بل لابد أن يكون موجوداً عند أهل السنة مثله وزيادة.
وهذه قاعدة من تصورها يسلم من مثل هذه الإشكالات، فعلى هذا أظن أن قول هذا الأستاذ صحيح إذا أحسنَّا الظن وأخذنا بالسلامة الأصلية في مشايخنا ومعلمينا، فصحيح أنا قد نوافق القول الحق عند المعتزلة إذا كان قولهم مبنياً على دليل صحيح يوافق ما كان عليه السلف في أمور الأحكام، أما في أمور العقائد فالمعتزلة الأصل فيهم الانحراف والابتداع، ولا تصح موافقة ما هم فيه؛ لأنه مخالفة للحق، إلا في بعض الجزئيات، فإنهم قد يوافقون الحق، وهذا لا يعد اكتشافاً منهم وانفراداً منهم بالحق، إنما هو اتباع اتبعوا به الحق عن قصد أو غير قصد.