ثم ذكر الأصل الرابع فقال:[بل كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته]، يعني: أنهم جعلوا بدعهم وأصولهم هي الأصل وهي الحكم، والنصوص محكوماً عليها، فما وافق عقلياتهم قالوا بأنه محكم وقبلوه واحتجوا به، وما خالف عقلياتهم زعموا أنه متشابه، ثم إذا زعموا أنه متشابه اختلفوا في الموقف منه، فمنهم من رده، بمعنى: أنه لم يعتقد دلالته، ثم آل إلى الشك وفوض المعاني إلى غير اعتقاد، يعني: جعل الألفاظ بلا معان، وفوضها إلى علم الله، مع أن هذا أمر لا يصح؛ لأن الله عز وجل تكلم بالقرآن بلسان عربي مبين، وله حقائق ومعان، فتفويض المعنى يعني أنه لن يعتقد أن للنصوص معاني، فيبقى بلا عقيدة؛ لأن من فوض على هذا النحو فإنه سيبقى بلا عقيدة، ومنهم من حرف، بمعنى: أنه أول بمختلف أنواع التأويلات؛ لأن هناك من أول تأويلاً بعيداً وهناك من أول تأويلاً قريباً، لكن لا يدل على الحقيقة المرادة من النص.
ومنهم من عطل تعطيلاً مطلقاً، بمعنى: أنه لم يفوض ولم يحرف ولم يؤول، إنما اعتقد أن ألفاظ القرآن والسنة مجرد ألفاظ تخييلية أو تشبيهية أو تمثيلية إلى آخر ذلك من المعاني التي زاغوا بها عن الحق واتبعوا الفلاسفة.