للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف التضاد]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [والاختلاف الثاني: هو ما حمد فيه إحدى الطائفتين وذمت الأخرى].

الاختلاف الثاني هو اختلاف التضاد واختلاف الافتراق.

قال رحمه الله تعالى: [كما في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} [البقرة:٢٥٣].

وقوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج:١٩] الآيات.

وأكثر الاختلاف الذي يئول إلى الأهواء بين الأمة -من القسم الأول- وكذلك إلى سفك الدماء، واستباحة الأموال، والعداوة والبغضاء؛ لأن إحدى الطائفتين لا تعترف للأخرى بما معها من الحق، ولا تنصفها، بل تزيد على ما مع نفسها من الحق زيادات من الباطل، والأخرى كذلك، ولذلك جعل الله مصدره البغي، في قوله: {إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة:٢١٣]؛ لأن البغي مجاوزة الحق، وذكر هذا في غير موضع من القرآن؛ ليكون عبرة لهذه الأمة.

وقريب من هذا الباب ما خرجاه في الصحيحين عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم).

فأمرهم بالإمساك عما لم يؤمروا به، معللاً بأن سبب هلاك الأولين إنما كان كثرة السؤال، ثم الاختلاف على الرسل بالمعصية].