للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية مسائل الإيمان]

مسائل الإيمان لا تقل أهمية عن الأركان؛ لأنها فرع عنها، وإن كانت الأركان منصوصاً عليها بالكتاب والسنة، وعليها إجماع سلف الأمة، لكن المسائل أخرجت بمباحث مستقلة؛ لأنها تكلمت فيها الفرق، وأول ما تكلم السلف عن مسائل الإيمان على وجه فيه تفصيل، فالناس أول القرن الأول في عهد الصحابة كانوا يأخذون الدين بالجملة دون كلام في المسائل البدهية، إلا ما ورد في الكتاب والسنة، ومنها مسائل الإيمان، لكن لما جاءت المرجئة والقدرية خاضوا في هذه الأمور، وخاض قبلهم الخوارج، فالكلام في هذه المسائل ما ظهر إلا حين ظهرت المرجئة، وهي أشبه بردة الفعل ضد الخوارج.

فالمرجئة هم الذين أثاروا قضايا مسائل الإيمان، فقالوا بأن الإيمان هو التصديق، أو التصديق والإقرار، ثم قالوا بأن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، بل هي شرط الإيمان وثمرته، ثم نتج عن هذا عدم القول بزيادة الإيمان ونقصانه؛ لأن من قال بأن الإيمان هو التصديق أو القول، فالتصديق والقول لا يدخلهما زيادة ونقص، وتبعاً لذلك قالوا: لا يجوز الاستثناء في الإيمان، فلما تحدث المرجئة عن هذه المسائل تحدث السلف في تقريرها شرعاً على ما ورد في الكتاب والسنة، وأبرزت وقررت على أصولها العلمية، فسميت بهذه الأسماء تحت هذه القضايا الرئيسة، وهي تابعة لأصول الإيمان، وهي أصول أيضاً، أصول من أصول الدين؛ لأن السلف أجمعوا عليها وبدعوا من خالفها، فلا يظن ظان أن مسائل الإيمان أدنى درجة، أو أنها من المسائل الخلافية، بل هي من لوازم أركان الإيمان وأصوله.