إذا كان عند من يفهم الأزلية فصحيح؛ إذ ليس كل من أطلق الأزلية من المتكلمين والفلاسفة يقصد الأزلية التي لا أول لها؛ لأنهم أحياناً يجعلون التقادم في القدم إلى حد بعيد جداً في الأذهان شبيهاً بالأزلية، أو يعطونه وصف الأزلية، ومع ذلك فمفهوم الأزلية الذي تقتضيه العقول هو الشيء الذي لا أول له، فلذلك الذين قالوا بأزلية المخلوقات من الفلاسفة وغلاة الصوفية وغلاة الباطنية هم الذين قالوا بوحدة الوجود؛ لأنها مؤدى قولهم بأن الوجود أزلي، بمعنى: لا أول له، وإذا كان لا أول له؛ فالموجد والموجد واحد، والخالق والمخلوق واحد، بل إنهم لا يرون أن هناك مخلوقاً، ويرون كلمة (مخلوق) كلمة مجازية تعني مظهراً من مظاهر الخالق، وأحياناً يصل الحد بهم إلى أن يقولوا بأن مسألة التفريق بين المخلوق والخالق ومشاهدة حركات المخلوقات تخيلية، فهي في الأذهان وليست في الأعيان، وهؤلاء يلغون عقولهم، وهذا القول تدرك العقول والبديهة أنه باطل حتماً.