عارض الفلاسفة شرع الله بعقولهم، فهل سن الأحكام والاستحسان الذي فعله بعض الأئمة يدخل في ذلك؟
الجواب
إذا كان يقصد بالأئمة أئمة الهدى فقهاء الإسلام المقتدى بهم في الدين فلا، فهؤلاء ما وقعوا في شيء من ذلك، وما قالوه في الاستحسان في الفقه ما خرجوا به عن مقتضى النصوص، ولهم في ذلك أدلة، والاستحسان لا يعني معارضة الشرع بالعقل، وإنما يدخل في الأحكام الاجتهادية المستمدة من النصوص الشرعية.
أما في العقيدة فليس هناك شيء اسمه استحسان في العقائد والأصول والقواعد القطعية، إنما الاستحسان الذي قرره أهل الفقه يدخل في الأحكام الاجتهادية، وينبني على الاستنباط من النصوص، فهم لا يستحسنون شيئاً بدون أن يرتبط بنص، إنما الاستحسان يدخل في الترجيح، ويدخل في الاستنباط من النصوص والتفريع على القواعد الشرعية المبنية على النصوص.
فالعلماء يقررون الأحكام الاجتهادية بأصولها كما ذكرت، والاستحسان لا يعنون به ترك الشرع، إنما الاستحسان وجه من وجوه الترجيح، ولا يعد تقديماً للعقل على الشرع، إنما العقل وسيلة لفهم الشرع ووسيلة لفهم النصوص، ولا يمكن أن يستغنى عن العقل في فهم النصوص الشرعية المتعلقة بالأحكام، بل لا يستغنى عن العقل في فهم نصوص العقيدة، لكن نصوص العقيدة يسلم بها تسليماً وتقر على حقائقها التي تفهما العقول السليمة، أما نصوص الأحكام فيجتهد فيها لاستنباط الأحكام الجزئية المتعددة منها، وعلى هذا فالاستحسان لا يعد تقديماً للعقل، إنما هو وسيلة من وسائل الاجتهاد المبنية على النصوص، ولا يعد ذماً، ولا وجه للمقارنة بين الفلاسفة في تفضيلهم العقل على الشرع وبين الفقهاء الذين جعلوا الاستحسان من وسائل الاستنباط وبيان الأحكام.