لما نفقت سوق الصوفية في العصر الحديث ظهر اتجاه جديد قام بدور الصوفية، لكن على شكل آخر وبمؤثرات وأسباب أخرى وتحت شعارات أخرى، وهو اتجاه الحداثة، فالحداثة حينما نتأملها نجدها وجهاً آخر للصوفية وإن لم يكن هذا مقصوداً، لكن هذه أساليب الشيطان في العبث بالأمم.
فالحداثة الآن مصب للزندقة، فلذلك لا نرى مذهباً شاذاً في الغرب الآن أو في الشرق -سواء أكان منهجاً فكرياً شاذاً أم أخلاقياً شاذاً أم عقدياً شاذاً أم إلحادياً- إلا وقد وجد له في مدارس الحداثة من يتبناه، فأصبحت الحداثة معلماً جديداً من معالم الصوفية، فلذلك نجد أن أغلب الحداثيين يشيدون برموز الصوفية ورموز الباطنية أعظم إشادة.
إذاً: فالصوفية وإن قلنا: إنها بدأت تتبين للناس ويتبين أمرها إلا أننا بلينا بعدها ببلية أخرى، وهي الحداثة التي الآن دخلت فينا إلى العظم وتمكنت وتوغلت عندنا في وسائل الإعلام وفي الاتجاهات الأدبية والفكرية حتى صارت الآن شوكة نحتاج في نزعها إلى جهود عظيمة.