للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستدلال بقوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)]

قال رحمه الله تعالى: [وقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل:١٠٦] يدل على أن القلب هو موضع الإيمان لا اللسان، ولأنه لو كان مركباً من قول وعمل لزال كله بزوال جزئه].

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل:١٠٦] قالوا: يدل على أن قلبه هو موضع الإيمان، والجواب أن السلف ما أنكروا أن هناك حداً اضطرارياً وحداً اختيارياً، فالحد الاضطراري يصل إلى حد أن الإنسان يبقى إيمانه في قلبه فقط إذا ما استطاع أن يعمل، كما قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦]، فلو أن إنساناً اضطر اضطراراً إلى ترك الأعمال في ظرف من الظروف أو في وقت من الأوقات أو في لحظة حرجة أو زمن فتنة؛ فإنه معذور بذلك حتى ولو لم يبق من الإيمان إلا التصديق، فحجتهم هنا ليست حجة عامة على أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان؛ لأن قول الله عز وجل: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل:١٠٦] يتعلق بالحد الأدنى من الإيمان عند الضرورة القصوى، ونحن لا نتكلم في هذا ولا ننكره، بدليل أنه لو زالت هذه الضرورة وجب عليه العمل.

فاستدلالهم هنا ليس بصحيح؛ لأن الحد الذي ذكروه هو الحد الاضطراري، ونحن نتكلم عن الأمور الاختيارية التي أوجبها الله عز وجل على الأمة إلى قيام الساعة.