[قول طائفة من أهل الكلام بأن الكلام حروف وأصوات مجتمعة في الأزل]
قال رحمه الله تعالى:[ورابعها: أنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام ومن أهل الحديث].
وهذا أيضاً قول عجيب، وهو أيضاً هروب من الإثبات وانهزام أمام هجوم المعتزلة والجهمية في مسألة كلام الله تعالى؛ فإن الأزلي هو الأول الذي ليس قبله شيء، هذا معنى الأزلي، فالأزلي يعني: الذي ليس له بداية، ونحن نعلم أنه ليس هناك شيء ليس له بداية إلا الله سبحانه وتعالى، فهم حينما قالوا بأنها حروف أزلية كأنهم ألحقوها بخصائص الله، فإذا ألحقوها بخصائص الله فإنهم بذلك يلزمهم أحد أمرين: إما أن تكون كلام الله تعالى، وعليه فلا داعي لمثل هذا الكلام، ولمثل هذا اللجوء إلى التعبير الموهم، وإما أن يقولوا: إنها غير كلام الله تعالى، وبذلك يثبتون أزلياً غير الله، فيلزمهم أحد الإلزامين بالضرورة، فإذا قالوا: هو حروف وأصوات أزلية ليست هي كلام الله فهذا يعني أن هناك مع الله أزلياً غيره.
وإذا قالوا بأنها حروف أزلية تكلم الله بها في الأزل فلماذا لا يتكلم بها الآن كما يليق بجلاله؟! فالأمر فيه إعضال، وما ألجأهم إلى ذلك إلا الاستجابة لهجوم المعتزلة الفكري أو لهجومهم الفلسفي، وكذلك هجوم الجهمية.