للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قيام الأدلة الشرعية على دخول الأعمال في الإيمان]

الأمر الثالث: أن الأدلة من الشرع على أن الأعمال من الإيمان، وعلى زيادة الإيمان ونقصانه وبقية الأمور التي قررها السلف لا تكاد تحصر، في حين أن أدلة أبي حنيفة رحمه الله وغيره من المرجئة على أن الإيمان هو التصديق فقط أدلة قليلة جداً، واستدلالهم بها فيه اشتباه وفيه ضعف، فهل يعقل أن نعدل عن الأدلة الصريحة القوية الكثيرة التي كتبها العلماء في مجلدات، وكلها تدل على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأعمال من الإيمان، وكلها صريحة صراحةً بينة، مثل حديث شعب الإيمان، فهل يعقل أن نعدل عن هذه الأدلة الصريحة الكثيرة إلى أدلة قليلة مشتبهة للعلماء عليها رد بين؟! نعم هناك أدلة سيوردها بعد قليل فيها اشتباه على من لم يرجع إلى قواعد السلف في الاستدلال، وفيها اشتباه على من لم يرد النصوص بعضها إلى بعض، أما من رد النصوص بعضها إلى بعض وفسر بعضها ببعض فلا بد أن يتبين له وجه الحق في أن الإيمان هو التصديق وزيادة، أن الإيمان هو التصديق والعمل، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان.

الأمر الرابع: أن هذه الأوصاف للإيمان التي اعتبروها أوصافاً وشرائط، أي أن الأحناف حينما قالوا: إن الأعمال من لوازم الإيمان، لكنها أشبه بالأوصاف للإيمان، وأشبه بالقرائن على وجود الإيمان، وأشبه بالشروط للإيمان ومستلزماته، لكنها ليست من الإيمان.

نقول لهم: لما سميتموها أوصافاً وشرائط للإيمان لا يتم الإيمان إلا بها؛ فإن هذا يعني أنها في الاصطلاح الشرعي توسع مفهومها حتى صارت جزءاً من الإيمان، وسماها الله عز وجل إيماناً، وكونها سميت إيماناً؛ لأنها تنبني على التصديق والمعرفة، وهذا أمر ضروري بدهي.

فتسمية الأعمال بالإيمان فعلاً؛ لأن فيها جزءاً تصديقياً، بمعنى أن من عمل ولم يصدق لا يعتبر مؤمناً، وكذلك من صدق ولم يعمل لا يعتبر مؤمناً، وهم يقولون العكس، يقولون: من صدق ولم يعمل يعتبر مؤمناً، لكنه يعاقب على تركه لموجب النصوص الخارجية، وهذا ليس بكلام جيد، هذا كلام عقلي فلسفي، هذه أهم الأمور التي أحببت أن أشير إليها؛ لأنها عبارة عن ضوابط سنحتاجها بعد قليل في سياق قول الأحناف والرد عليهم.