[أصول الدجل والتنجيم والكهانة]
يحسن الوقوف عند بعض الأمور مما سبق، أولاً: فيما يتعلق بأصول الدجل، وهنا الشارح رحمه الله عرض صوراً من صور الدجل والتنجيم والكهانة، وبعضها قد يشبه بعضاً، وبعضها مرادف للبعض الآخر، لكن عند الاستقراء نجد أن أصول الدجل التي ذكرها أهل العلم، ومنها ما ذكر الشارح هنا ترجع إلى أربعة أمور: الأمر الأول: دعاوى النبوة، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء بأنهم دجالون، فأعظم الدجالين ذنباً وأكذبهم وأخطرهم وأشدهم هم الذين يدّعون النبوة، وهؤلاء يجب قتلهم بكل حال، ليس فيهم خلاف، من ادعى النبوة وهو عاقل سوي، ثم أصر على دعواه يجب قتله.
الأمر الثاني: السحر، والسحر أنماط وأصناف وأنواع، ويدخل في السحر أحياناً المؤثرات المعنوية، ليس السحر فقط هو الأمور المادية، بل المؤثرات المعنوية تدخل في معنى السحر لغة وشرعاً.
الأمر الثالث: الكهانة، والكهانة تعتمد على دعاوى الغيب.
الأمر الرابع: التنجيم.
وهذه الأمور قد تتداخل أحياناً، قد يكون المنجم ساحراً، وقد يكون المنجم كاهناً، وقد يكون الكاهن ساحراً والساحر كاهناً، لكن ومع ذلك فإن هذه الأصول إذا انفرد أحدها صار نوعاً من الدجل، وإذا اجتمعت فهي دجل مغلّظ مركب، وعلى هذا فإن الأمور التي ذكرها الشارح هي صور من صور هذه الأصناف الأربعة، فمثلاً: ذكر هنا العرّاف، العرّاف يدخل في مفهوم الكهانة، ويدخل في مفهوم التنجيم، ويدخل أحياناً في مفهوم السحر؛ لأن الساحر أحياناً يكون عرّافاً، بل المنجم يستعمل العرافة، والعرّاف أيضاً يستعين بالسحر وبالتنجيم، وسيأتي تعريف العرّاف بعد قليل، وكذلك أصحاب الأزلام، وذكر الشارح نموذجاً من صور من فعل الأزلام، التي من ضمنها وضع أشياء وكتابة حروف عليها، وربط الأفعال والتصرفات بهذه الحروف والرموز أو الألوان، كأن يلون الإناء أو الخشبة بألوان ثلاثة أو أربعة، ويقول: إن خرج عليك اللون الأخضر فامض إلى فعلك، وإذا خرج عليك الأحمر فلا تمض، أو إذا خرج عليك حرف كذا فامض، وإذا ما خرج الحرف الفلاني فاترك، أو إذا خرج عليك صورة طير أحمر فامض، وإذا ظهر عليك صورة طير أسود فلا تمض إلى آخره، كل هذه الصور تعتبر من الاستقسام بالأزلام، أو ما يستعمله أهل الجاهلية من وضع الأقداح، فإذا خرج منها نوع معين أو لون معين أو شكل معين أو طفحت أو غرقت إلى آخره، كل هذه صور من صور الاستقسام بالأزلام.
وكذلك الضرب بالحصى، واعتبار أن نوع الضرب أو صوت الضرب أو لمس الحصاة إلى آخره يختلف من دجال إلى دجال؛ لأن كثيراً من الدجاجلة يحرص على أن يعمل خلاف ما يعمله غيره؛ ليتميز بشيء، ويرجع كل ذلك إلى نوع واحد.
والخط في الرمل، وهو الخط بخطوط متعرجة ومستقيمة أو نحو ذلك، فهذا يكثر ولا يزال يمارس في التمويه على الناس والعامة.
وكذلك من صور هذه الأفعال: التنجيم، التنجيم على صور كثيرة: من اعتقاد أن النجوم لها تأثير في الأرض، أو في مقاليد الأرض، أو في الأقدار، أو أن المطالع في الجملة لها تأثير في حياة الناس وفي أفعالهم وتصرفاتهم وأعمارهم وشقاوتهم وسعادتهم إلى آخره، أو أن النجوم لها تأثير في مضي الناس أو عدم مضيهم في الأعمال والأقوال وغيره إلى آخره! والتنجيم أيضاً له صور كثيرة تبدأ من عبادة النجوم، وتنتهي باعتقاد التأثير في النجوم، وبين هذه الصور صور كثيرة.
وكذلك من الصور التي ذكرها الشيخ: القرع الذي هو ضرب شيء بشيء أو نحو ذلك، والفالات التي تسمى في بعض البلاد الحظ، ويمارس فيها الدجل علناً في الشوارع، والآن الحظ والفالات والطوالع صارت تنتشر في بعض وسائل الإعلام، في بعض الجرائد اللبنانية والمصرية وغيرها، ويضعون الآن للمنجمين صفحات تحت عناوين برّاقة وجذّابة، وهي تقوم على الفالات والحظ، ويتوارد السائلون على هؤلاء الدجالين والمنجمين في سؤالهم عن حقوقهم، وعن مقاديرهم، وعما يفعلونه أو يتركون إلى آخره، فيفتونهم بهذه الأساليب الشيطانية، ويقول: أنت صاحب حظ سعيد! أو الوقت الفلاني مشئوم فلا تذهب ولا تسافر فيه على النجم الفلاني! وأنت في الوقت الفلاني يجب أن تفعل كذا أو لا تمضي أو تمضي إلى آخره، هذا الدجل الموجود في السابق أصبح الآن يسمى بأسماء براقة خداعة، وكله يدخل في مجالات الفالات والحظ.
وهؤلاء أيضاً لا يزال كثير منهم في البلاد الأخرى الإسلامية يجلسون في الحوانيت والطرقات، ويمتحنون الناس في دينهم.
ومن هذا: دعاوى الصوفية، وهم من يدّعي الحال من أهل المحال، هذا يرجع إلى دعاوى السحرة، ودعاوى الفلاسفة، ودعاوى الصوفية، قال: (من المشائخ النصّابين، والفقراء الكذّابين، والطرقية المكّارين، فهؤلاء كلهم من أصناف أهل التصوف.
فمشايخ الطرق الصوفية وأحوالها وأورادها وأشكالها يخربون عقائد الناس بالله، ويرتزقون باسم الدين.
كذلك المدعون العبادة والتمسك يسمون الفقراء، وهو اسم من أسماء الصوفية والطرقية كذلك، كل هذه صور من صور الدجل ذكرها الشيخ.
كذلك الطلاسم، وهي كل ما كان غامضاً بذاته، أو علق بأمر غامض، كتعليق الأمور بالرموز، وتع