للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السلوك التديني المخالف لما عليه أهل العلم]

ومن النزعات: سلوك مسالك تخالف أهل العلم في التدين، وهذه -وإن كانت أحياناً تحدث عن تورع- تؤدي في كثير من الأحيان إلى غرس مذاهب واتجاهات ربما تصل إلى مذاهب الخوارج أو تصل إلى التكفير، وأعني بذلك الشذوذ عن العلماء وعن جمهور طلاب العلم في قضايا وإن كانت اجتهادية، مثل تحريم بعض الأشياء المباحة أو التي ما حرمها العلماء، كتحريم الدراسة في المدارس، فهذه نزعة قد تجدها عند شخص تورعاً، فهي مسألة تخصه، لكن أن نقول: إنه مبتدع، ويدعو إلى ترك الدراسة، ويصد أبناء المسلمين عنها بدعوى أنها بدعة؛ فهذا يؤدي في النهاية -إذا لم يعالج- إلى مذاهب الخوارج.

وكذلك تحريم حمل البطاقات، وتحريم حمل العملة، نعم هناك ناس يتورعون عن هذه الأمور تورعاً، وهذا شيء راجع إليهم وأمرهم إلى الله عز وجل، ونحسبهم -إن شاء الله- من الصالحين، لكن أن يجعلوا هذا ديناً، ويتهموا من خالفهم، وإذا قيل: إن المشايخ أفتوا بضرورة حمل البطاقة التي فيها صورة اتهموا المشايخ؛ فهذا ما أردت أن أنهى عنه.

وهذه مجرد أمثلة، وأعود إلى ما بدأت به، وهو أن الكلام بالتكفير أمر ينبغي أن يتفاداه الناس إلا عند الضرورة، وأرى أنه في مثل الأحوال التي نعيشها الآن من الضروري لطلاب العلم أن يبينوا للناس القواعد الصحيحة في التكفير، وأن يجلى الأمر وإن أدى هذا إلى الكتابة في الصحف وإلى استعمال وسائل الإعلام المشروعة وإلى محاضرات وندوات ودورات، فأدعو طلاب العلم إلى مثل ذلك في هذه الظروف؛ لأن الأمر وصل إلى حد الإضرار بالمسلمين، والإضرار بأهل الخير، ووصل إلى حد أن ظهرت ظواهر نخشى أن تكون اتباعاً لما عليه الخوارج، ونحن حديثي عهد بقصص التكفير والهجرة، وبجماعة التبين والتوقف، والسعيد من وعظ بغيره.

وهذا اجتهادي، وأسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين التوفيق والسداد والرشاد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.