الموقف الرابع: التشبيه، والوصف الحقيقي الشرعي له: التمثيل؛ لأن الله عز وجل قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١]، فبعض أهل العلم يسمي التمثيل التشبيه؛ لأن أهل الأهواء أطلقوا هذه الكلمة فاشتهرت، والتشبيه هو اعتقاد أن الله عز وجل مثل خلقه، أو اعتقاد أن بعض الخلق مثل الله، تعالى الله عما يزعمون، كل هذا تمثيل، وكله موجود في الفرق، فالتمثيل والتشبيه في الغالب هو اعتقاد أن الله عز وجل مثل خلقه في جميع الخصائص أو في بعض الخصائص، سواء أكانت صفات أم أسماء أم ذاتاً أم أفعالاً، فاعتقاد أن الله عز وجل مثل خلقه هذا تشبيه وتجسيم، وهو كفر، سواء في جميع الخصائص وفي بعض الخصائص، من اعتقد أن الله عز وجل مثل خلقه -سواء فصل أو لم يفصل، وسواء جعل ذلك في جميع الخصائص والصفات أو في بعضها- فإنه بذلك يكون كافراً، وهذا التشبيه انقرض -تقريباً- إلا في حالات نادرة، كما انقرض التشيع الأول إلا في حالات نادرة، فالتشبيه وجد في فرق من الروافض الأوائل كالجواليقية والهشامية والداودية والبيانية والمغيرية وغيرها، كل هؤلاء كانوا مشبهة وكلهم روافض، لكن الروافض بعد عراكهم مع الفرق تحولوا إلى معطلة، فتركوا التجسيم وانقلبوا إلى التعطيل، فما وفقوا وسددوا إلى الاعتدال والوسط، فلما تجادلوا هم وخصومهم الذين يعتقدون التعطيل رجعوا إلى التعطيل ولم يوفقوا للسنة، فتركوا التشبيه والتجسيم وصاروا معطلة.
الرافضة وجميع الفرق المجسمة الأولى، ينسب التجسيم إلى الكرامية، لكنَّه الآن لا يوجد، كما لا توجد أيضاً لبعض الفرق التي انقرضت، فالآن لا يوجد إلا نزعات فردية، فلا نعرف التجسيم إلا في نزعات فردية.