للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدلة عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً

قال رحمه الله تعالى: [وأما كونه مبعوثاً إلى كافة الورى؛ فقد قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ:٢٨]، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:١٥٨]، وقال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:١٩] أي: وأنذر من بلغه.

وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء:٧٩]، وقال تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس:٢]، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان:١]، وقال تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} [آل عمران:٢٠].

وقال صلى الله عليه وسلم: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) أخرجاه في الصحيحين.

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار) رواه مسلم.

وكونه صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى الناس كافة معلوم من دين الإسلام بالضرورة].

يعني بذلك أن هذا أمر قطعي بتواتر النصوص، فالنصوص في كتاب الله تعالى وفيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إجماع السلف قاطعة بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث للناس جميعاً، هذا أمر.

الأمر الآخر: أنه معلوم بالضرورة من خلال واقع البشرية أن الله سبحانه وتعالى -وهذا ما يلزم كل عقل سليم- لا يمكن أن يترك البشر بلا إقامة الحجة، فلو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثاً لجميع البشر لبعث في الأمم الأخرى أنبياء، ولو لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم للناس جميعاً إلى قيام الساعة لما بقي الناس بلا رسالة إلى يومنا هذا، خاصة الأمم التي ضلت وانحرفت، أو الأمم التي لم تدخل في الإسلام أصلاً ولا تزال تحتاج إلى إقامة الحجة لو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام الحجة على الجميع.

ثم إن بقاء القرآن وكونه معجزاً إلى قيام الساعة دليل قاطع على بقاء الرسالة إلى أن تقوم الساعة، وغير ذلك من الأمور التي تدل بالضرورة على أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث للناس جميعاً.

هذا أمر.