ذكرت أن الغيب نوعان: النوع الأول: غيب يمكن قياسه بالموجودات كالطوفان وأخبار النبيين، النوع الثاني: غيب لا يمكن قياسه لعدم وجود مثله في الدنيا، وعللت بأنه لو كان كذلك لما سمي غيباً، مع أنك في النوع الأول ذكرت أنه يمكن معرفة كيفيته، ومع ذلك يسمى غيباً؟
الجواب
النوع الأول لا يمكن معرفة كيفيته، إنما كيفية ما يشبهه، أو يقرب من أذهاننا بعينه، أما الثاني فلا يمكن أن يقرب من أذهاننا بعينه، وهذا هو وجه الفرق، وذاك غيب لأنه سبق لا لأنه غيب لذاته تغيب أمثاله عن أذهاننا، إنما لأنه غاب بأحداثه عنا؛ لأنه حدث قبلنا.
فأقول: إن الغيب على نوعين: فهناك من أخبار الغيب ما نعرف كيفياته من خلال ما يشبهه من الموجودات، كالطوفان، وهو ماء يغرق به الناس، أو غرق فرعون، أو غير ذلك من الأحداث والقصص التي تشبه أفعال الموجودين الآن، فهذه عرفنا كيفيتها لا بأعيانها، لكن بأعيان ما يشابهها.
أما النوع الآخر فلا يمكن الوصول إلى كيفياته لا بذاته ولا بشبيهه ولا بمثيله ولا بنظيره، وهو ما يتعلق بأمور الغيب الأخرى، كأمور القيامة وصفات الله وأسمائه ونحو ذلك.