الباحثون في التاريخ القديم يعتمدون فيما يعتمدون عليه على التوراة والإنجيل، والباحثون المسلمون منهم يعتبرونهما مجرد مصادر تاريخية فيها الخطأ وهو كثير، وفيها شيء من الصواب، هل فعلهم هذا داخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمر رضي الله عنه؟ أم أنه جائز باعتبار التحديث عن بني إسرائيل وتلاوة التوراة حال الاختلاف، كما في قوله تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا}[آل عمران:٩٣]؟
الجواب
الاطلاع على كتب أهل الكتاب -سواء التوراة والإنجيل وغيرهما- فيه تفصيل: فإن كان الاطلاع بقصد التلقي بمعناه الشرعي فلا يجوز هذا أبداً، وعموم المسلمين يجب عليهم ألا يطلعوا وألا يقرءوا كتب التوراة والإنجيل أو غيرهما من الكتب الدينية للأمم الأخرى، سواء في الديانات الوثنية أو الكتابية؛ لأن الله عز وجل أغناهم بكتابه سبحانه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان المطلع من أهل العلم، واطلاعه جاء لسبب شرعي معتبر وبشروط وضوابط عرفها أهل العلم فلا مانع، لكن هل تعتبر هذه المصادر مصادر يقينية، أم مجرد مصادر تاريخية قابلة للنقاش؟ الصحيح أنها ليست مصادر يقينية، إلا ما وافق الكتاب والسنة، فما كان فيها موافقاً الكتاب والسنة فإنه يكون يقينياً، ومصدر يقينيته هو اعتماده على الكتاب والسنة، لا لأنه في التوراة والإنجيل؛ إذ إنهما تعرضا للتحريف، وما كان دون ذلك فإنه بحسب حاله، وبحسب حال المتلقي أو المتناول من أهل العلم بالشروط، فلا يجوز الاعتماد على كتب بني إسرائيل فيما لم يرد في الكتاب والسنة اعتماداً كلياً، ولا اعتبارها مصادر موثوقة، إنما من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:(فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم).
إذاً: فالاطلاع على هذه الكتب من بعض المتخصصين ممن تحصنوا بالعقيدة السليمة إذا كان لفائدة شرعية معتبرة شرعاً -كالرد على هذه الأمور، أو الاستشهاد بما يرد به على أهل الكتاب أو نحو ذلك مما هو معتبر- لا حرج فيه، لكن هذه ضوابط يجهلها كثير من الناس، فلذلك من الخير أن نعود المسلمين على ألا يطلعوا على ما يسمى بالكتب الدينية للأمم الأخرى؛ لأنه يشملها النهي الجازم من النبي صلى الله عليه وسلم.