ومما ينبغي علمه أن الذين أنكروا الرؤية صنفان: صنف ينكر الأحاديث إطلاقاً، ويؤول الآيات مثل قوله عز وجل:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:٢٢ - ٢٣]، وكقوله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس:٢٦]، وقوله عز وجل:{وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[ق:٣٥]، ونحو ذلك من الآيات الصريحة في إثبات الرؤية، والنبي صلى الله عليه وسلم فسرها في أحاديث صحيحة بإثبات الرؤية، فهذه الآيات يؤولونها، والأحاديث يردونها حتى وإن كانت صحيحة.
وصنف آخر يؤول الآيات ويؤول الأحاديث التي لا يمكن ردها، لكنَّه تأويل متعسف، فهم يفسرون الرؤية بأنها قلبية أحياناً، وأحياناً يقولون: يرى إلى غير جهة مع نفي الفوقية والاستواء والعلو، وهذا مذهب متكلمة الأشاعرة والماتريدية، فإنهم يقولون بالرؤية لا في جهة، مع أنهم في الجملة لا يعدون من نفاة الرؤية، لكن تفصيلاتهم حول الرؤية تشبه قول المعتزلة، بل يكاد بعض أهل العلم يقول: إنهم يقولون بنفي الرؤية، حتى إن المعتزلة قالوا لهم: أنتم تنفون الرؤية بهذا، فإذا قلتم: يرى إلى غير جهة فهذا نفي للرؤية، لأنه لا تعقل رؤية إلى غير جهة، وإذا قلتم يرى فأثبتوا الاستواء والفوقية والعلو.