للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محمل الأبيات على طريقة الصوفية]

أما معناها على منطق الصوفية، فإن قوله: (ما وحد الواحد من واحد)، أي: ما وحد الله أحد، (إذ كل من وحده جاحد) أي: إذ كل من سعى إلى توحيده على طريقة الشرع والعبادة فهو عندهم جاحد لله؛ لأنه لا يصل إلى توحيد الله إلا بأن يتحد مع الله أو يحل أو يفنى في الله تعالى أو نحو ذلك من المعاني.

وقوله: (وتوحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد) أي أن من عبد الله تعالى بصفاته، أو تعبد الله بأسمائه وصفاته؛ فإنه بذلك واقف على ألفاظ الشرع، وألفاظ الشرع عندهم هي دين العامة أو توحيد العامة، وهم يزعمون أنهم وصولوا إلى أسماء الله وصفاته باتحادهم مع الله، فلذلك مثلوا أسماء الله وصفاته بصفات بشر من البشر من أوليائهم.

وقوله: (توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد) هو على نفس ما مر، أي: أنهم يقصدون بذلك أن من حاول أن يوحد الله بصفاته أو بنعته بصفات الكمال على نحو ما جاء به الأنبياء؛ فإنه بذلك لاحد عن توحيد الخاصة، أو خاصة الخاصة، الذي هو الاستغناء عن النص على أن صفات الله وأسمائه غير خلقه، فهم يرون أن الله هو الخلق والخلق هو الله، وعلى الإنسان أن يصف نفسه بصفات الكمال ليوحد التوحيد الكامل، لذلك قال أحدهم كلمة شنيعة، قال: سبحاني ما أجل شأني.

يقصد نفسه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.