للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لزوم اعتقاد حقائق ألفاظ الغيب السمعية]

خلاصة هذا الحوار: أن النصوص التي جاءت بأخبار الغيب -سواءٌ ما يتعلق بصفات الله عز وجل، والرؤية، وسائر السمعيات التي وردت في القرآن الكريم، وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي غيبية- لابد بالضرورة من أن نعتقد أن ألفاظها حق على حقيقتها؛ لأن الله عز وجل خاطبنا بلسان عربي مبين، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الدين وبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ولم يبق في الدين شيء يحتاج إلى مزيد بيان لا في اللفظ، ولا في المعاني.

فأصول الدين كلها بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك فروعه، ومعلوم أن ألفاظ العقيدة غير قابلة للاجتهاد، ولو كانت قابلة للاجتهاد ما صارت عقيدة.

فالذين أولوا لابد من أن يلزم من تأويلهم الاستدراك على الله عز وجل، والاستدراك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم ما جاءونا بأدلة تثبت صحة التأويل، بل جاءوا بشبهات، قالوا: لا يعقل كذا إلا كذا، إذاً: لابد من أن نقول فيه كذا.

ثم إنهم حينما عدلوا عن ألفاظ الشرع، وعن حقائق ألفاظ الشرع؛ ما سلموا مما فروا منه، بل قالوا على الله بغير علم، وتحكموا في ألفاظ الشرع بغير علم، واختلفوا في المراد، فصار الناس الذين تابعوهم لا تستقر لهم عقيدة، ولا يدرون ماذا يعتقدون، في حين أنهم لو أبقوا -كما فعل السلف- نصوص الشرع على ما جاءت، وأثبتوا لله ما أثبته لنفسه حقيقة على ما يليق بجلال الله عز وجل مع نفي المماثلة والتشبيه؛ لما حصل الإشكال إطلاقاً، ولما وقعوا فيما وقعوا فيه، وكل شبهة أثاروها بسبب التأويل رد عليها السلف بما يكفي ويشفي، وسيأتي نماذج في ذلك مستقبلاً.