للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين الصفة والخبر]

السؤال

ذكرت في الدرس الماضي الكلام حول الهرولة فقلت: إن هذا من قبيل الإخبار، فما الفرق بين الصفة والإخبار؟

الجواب

الخبر أوسع من الصفة فيما يتعلق بالله عز وجل، والإخبار عنه على درجات: أخصها الأسماء، فالأسماء توقيفية، ثم بعد ذلك الصفات، والصفات كذلك توقيفية، لكنها أوسع من الأسماء؛ ذلك أن الأسماء يشتق منها صفات، وهناك صفات أخرى أوسع من الأسماء، فالصفات أكثر من الأسماء، ثم الأفعال، فأفعال الله عز وجل منها ما هو متعلق بأسمائه، ومنها ما هو متعلق بصفاته، ومنها ما هو أفعال لا نجزم بأنها يمكن أن تطلق على الله صفات مستقلة، والإخبار أوسع من هذا كله، فالخبر هو الإخبار عن ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن ذلك الإخبار عن جزاء العباد والإخبار عن أمور تتعلق بخلق الله وتدبيره وأمره ونهيه، وهذه الأمور بابها واسع جداً، فأوامر الله ونواهيه وأفعاله ومشيئته وخلقه جملة وتفصيلاً كل هذه تتعلق بالأفعال، ولذلك ليس كل خبر نستنتج منه صفة، ولذلك اختلف العلماء في مسألة الهرولة، هل هي صفة تثبت مستقلة أو تثبت على سياقها في الحديث؟ والخلاف في مسألة الملل أكثر منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)، ومثلها التردد، هذه أخبار عن أفعال الله عز وجل تتعلق بخلقه، فهذه الأفعال بعضها معلوم لدى المخاطبين، وبعضها قد يلتبس، وبعضها غيبي، فعلى هذا ليس كل خبر عن أفعال الله عز وجل في خلقه يعتبر صفة؛ لأن الصفة على كل الأحوال تلزم مفردة بصرف النظر عن السياق، في حين أن كثيراً من الأفعال والأخبار ترد بالسياق حسب مقاماتها وحسب المفهوم من السياق، فمثلاً: الهرولة الواردة في الحديث: (وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) يفهم منها المجازاة لا شك، فواضح أن المقصود أن الله عز وجل يجازي عبده على فعله، وإن كنا لا نجعل مفهوم الهرولة كله ينصرف إلى المجازاة، لكن نفهم المقصود من إطلاق الهرولة، وعلى هذا لا نستطيع أن نجزم بأنها صفة تثبت بدون سياقها، وكذلك صفة المقت لا نستطيع أن نثبتها إلا مقيدة، وكذلك نقول: إن الله عز وجل يمكر بالماكرين: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال:٣٠]، وكذلك الاستهزاء، وكل هذه الأمور بعضها من باب الخبر، وبعضها فعل، وبعضها صفة، فعلى هذا يكون الفرق بين الصفة والخبر أن باب الإخبار أوسع من باب الصفات، فليس كل الأخبار نستطيع أن نستنج منها صفات، كالتردد في قبض روح المؤمن، والاستهزاء بالمنافقين، والمكر بالكافرين.