للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف السلف من لفظ الحد]

قال رحمه الله تعالى: [فالمعنى الذي أراده الشيخ رحمه الله من النفي الذي ذكره هنا حق، ولكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقاً وباطلاً، فيحتاج إلى بيان ذلك، وهو أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حداً، وأنهم لا يحدون شيئاً من صفاته].

أي: لا يعلمون الله كيفية، وإلا فسيأتي التفصيل في معنى الحد، فهناك حد عبر عنه السلف من باب الإخبار لا من باب الصفة لله عز وجل؛ لأن السلف يفرقون بين الإخبار والصفة.

فالإخبار: البيان، وإذا أردت أن تبين فلابد أحياناً أن تزيد، مثاله: إنسان قال لك: ما معنى الأول؟ فتأتي له بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفسيره للأول بالذي ليس قبله شيء، وإنسان قال: ما معنى الآخر؟ فتقول: الآخر اسم الله عز وجل جاء خبره عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الذي ليس بعده شيء، فلو أن إنساناً ما فهم العبارة، وقال: هل معنى الأول القديم الذي ليس قبله شيء؟ تقول: نعم.

وليس معنى ذلك أنك أثبت الاسم القديم، لكنه شرح لمعنى الأول، فالشرح إذا لم يتعد الحد اللغوي الصحيح يجوز بحدود المصلحة والحاجة.

إذاً: فالسلف ينفون كلمة (حد)، لكن قد يخبرون عن المباينة والمفاصلة لله عز وجل عن مخلوقاته بالحد، لئلا يتوهم أحد حلول الله عز وجل في مخلوقاته.

فقوله: [أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حداً، وأنهم لا يحدون شيئاً من صفاته].

يعني: لا يقولون بالطول، والعرض، والعمق، والكثافة ونحو ذلك مما خاض به الخائضون، لا يقولون بذلك ويتورعون عن الكلام فيه، ويبدعون من تكلم؛ لأنه نوع من الحد، والله عز وجل ليس كمثله شيء.