القاعدة الرابعة: أن الذي ورد في النصوص الشرعية هو الوعيد في تكفير أهل القبلة، كما ورد في الحديث الصحيح:(إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما)، نسأل الله السلامة.
فهذا يفهم أنه يجب أن تحترز من إطلاق الكفر على غيرك؛ لأنك لا تعلم الغيب، ولست من أهل الاجتهاد الذين يملكون الحكم بالكفر، بل أهل الاجتهاد أكثرهم يتورع عن الحكم بالكفر، إذاً: يجب أن يتوقف المسلم في إطلاق الكفر على الأشخاص والهيئات والجماعات وغيرها حتى على أهل البدع؛ لأن أهل البدع يتفاوتون، فمنهم من يكفر ومنهم من لا يكفر، ثم إن للتكفير شروطاً وله موانع لا يتحقق استجلاؤها والاجتهاد فيها إلا على أيدي العلماء الراسخين.
إذاً: الصحيح هو أنه ورد الوعيد في التكفير، فإذا كان كذلك وجب أن يحذر المسلم من أن يكفر غيره أو أن يقول بكفر أحد، وهذه مسألة خطيرة جداً على ذمة المسلم ودينه ومصيره.
القاعدة الخامسة: من يتناول التكفير؟ هل لكل مسلم أن يبحث في مسألة التكفير ليكفر من يشاء ويترك من يشاء؟ أو لكل من استطاع أن يقرأ النصوص أن يكفر أو لا يكفر؟ أقول: مسائل التكفير ينبغي ألا يبحث فيها إلا من قبل المتخصصين الذين تتوافر عندهم شروط الاجتهاد، وتتوافر فيهم صيغة الرسوخ في العلم مع الرأي والتجربة وإدراك قواعد الشرع وإدراك أحوال الأمة بالتفصيل.
فلا ينبغي لكل مسلم أن يتناول التكفير، بل لا ينبغي لكل طالب علم أن يتناول التكفير، بل لا ينبغي للعالم بمفرده أن يستقل في مسألة إطلاق الأحكام على المسلمين، لاسيما في هذا الوقت الذي خفي فيه كثير من الأمور، وغمض فيه كثير من أحوال المسلمين، فلابد من التأني في إطلاق الأحكام، ولا يتم ذلك إلا من قبل أهل العلم الراسخين في العلم.