للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف المعطلة]

الموقف الثاني: التعطيل.

والتعطيل يقصد به نفي أسماء الله وصفاته، أو نفي صفاته فقط، أو نفي أفعال الله تعالى وهي من الصفات، فهذا كله تعطيل، فمن نفى أسماء الله عز وجل وصفاته فهو معطل، ومن نفى الصفات فهو معطل، ومن نفى الأفعال فهو معطل.

أما الأسماء فمعلومة، وأما الصفات فكالسمع والبصر والنزول والمجيء وغيرها، وأما الأفعال فتدخل في الصفات الفعلية، كالنزول والمجيء.

فمن نفى هذه الصفات أو بعضها فهو معطل لما نفاه، ومعنى التعطيل: تفريغ الموصوف من الصفات، وتفريغ الموصوف من الصفات يؤدي إلى إنكاره هو؛ لأن كل موجود موصوف، ولو لم يكن من معاني الموجود إلا أن يكون موجوداً -إذ الوجود صفة- لكانت هذه الصفة كافية لإثبات الصفة للموصوف.

فإذا قال قائل بنفي الصفات؛ فإن هذا يؤدي إلى أن يقول بوجود موجود غير موصوف، وهذا يستحيل عقلاً وشرعاً.

وهل يتصور موجود لا يوصف؟! هل يتصور ذلك عقلاً؟! وهل يتصور موجود بلا اسم، لو لم يكن من اسم الموجود إلا كلمة (موجود) لكفى، وهذا ما رد به السلف على الجهمية لما قالوا: لا نعرف من أسماء الله وصفاته ولا نقر إلا بأنه موجود فقط، فقالوا لهم: كلمة (موجود) اسم، والوجود صفة، إذاًَ: سميتموه ووصفتموه، فما دمتم قد قلتم بالتسمية والصفة؛ فأطلقوا جميع الأسماء والصفات التي وصف الله بها نفسه، وأطلقها على نفسه، ولذلك وقعوا في حيرة؛ إذ مؤدى قولهم نفي وجود الله تعالى بالضرورة، وهذا يسمى تعطيلاً، والتعطيل جزئي وكلي، فالتعطيل الكلي هو نفي الأسماء والصفات والأفعال، والتعطيل الجزئي هو نفي بعض هذه الأمور.