سلطان عليها، بدليل أن الجوارح سوف تشهد على صاحبها يوم القيامة:{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ. .}[فصلت: ٢١]
لقد كانت لكم وَلاَية علينا في دُنْيا الأسباب، أما الآن فنحن جميعاً مرتبطون بالمسبِّب سبحانه، فلا ولاية لكم علينا الآن؛ لذلك يقول الحق تبارك وتعالى عن يوم القيامة:{لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار}[غافر: ١٦]
ففي الدنيا ملَّك الناس، وجعل مصالح أُناسٍ في أيدي آخرين، أما في الآخرة، فالأمر كله والملْك كله لله وحده لا شريك له.
فقوله تعالى:{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ. .}[الإسراء: ٥٢] أي: يقول لكم اخرجوا من القبور للبعث بالنفخة الثانية في الصُّور {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ. .}[الإسراء: ٥٢] أي: تقومون في طاعة واستكانة، لا قوْمةَ مُسْتنكف أو مُتقاعس أو مُتغطرس، فكلّ هذا انتهى وقته في الدنيا، ونحن الآن في الآخرة.
ونلاحظ أن الحق سبحانه قال:{فَتَسْتَجِيبُونَ. .}[الإسراء: ٥٢] ولم يقل: فتُجيبون؛ لأن استجاب أبلغُ في الطاعة والانصياع، كما نقول: فهم واستفهم أي: طلب الفَهْم، وكذلك {فَتَسْتَجِيبُونَ} أي: تطلبون أنتم الجواب، وتُلحُّون عليه لا تتقاعسون فيه، ولا تتأبَّوْن عليه، فتُسرعون في القيام.
ليس هذا وفقط، بل:{فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ. .}[الإسراء: ٥٢] أي: تُسرعون في القيام حامدين الله شاكرين له، ولكن كيف والحمد لا يكون إلا على شيء محبوب؟