للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أموره القهرية والاختيارية، وفضَّل مراد الله على مُرَاده، وعنهم قال تعالى: {وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [الفرقان: ٦٣ - ٦٤]

وهذا الفَرْق قائم بينهما في الدنيا دون الآخرة، حيث في الآخرة تنحلّ صفة الاختيار التي بنينا عليها التفرقة، وبذلك يتساوى الجميع في الآخرة، فكلهم عبيد وعباد؛ لذلك قال تعالى في الآخرة للشيطان: {أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل} [الفرقان: ١٧]

فسمَّاهم عباداً رغم ضلالهم وكفرهم.

وقوله تعالى: {يَقُولُواْ التي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: ٥٣]

أي: العبارة التي هي أحسن، وكذلك الفِعْل الذي هو أحسن. والمعنى: قُلْ لعبادي: قولوا التي هي أحسن يقولوا التي هي أحسن؛ لأنهم مُؤتمرون بأمك مُصدِّقون لكَ.

و {التي هِيَ أَحْسَنُ} تعني: الأحسن الأعلى الذي تتشقَّق منه كُل أَحْسَنيات الحياة، والأحسن هو الإيمان بالله بشهادة أن لا إله إلا الله، هذه أحسن الأشياء وأولها، لذلك كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «خَيْرُ ما قُلْتُه أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله» «.

لأن من باطنها ينبتُ كل حسن، فهي الأحسن والكبيرة؛ لأنك ما دُمْتَ تؤمن بالله فلن تتلقّى إلا عنه، ولن تخاف إلا منه، ولن ترجوَ إلا هو، وهكذا يحسُن أمرك كلُّه في الدنيا والآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>