مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٣] فالحق تبارك وتعالى في هذه المسألة لا يعتب على رسوله، بل يعتب لصالحه، والمتتبع لمواقف العتاب للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يجده عِتَاباً لصالحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رحمةً به، وشفقةً عليه، لا كما يقول البعض: إن الله تعالى يُصحّح للرسول خطئاً وقع فيه.
ومثال لهذا قوله تعالى:{عَبَسَ وتولى أَن جَآءَهُ الأعمى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى}[عبس: ١ - ٣] الله تعالى يعتب على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأنه ترك الرجل الذي جاءه سائلاً عن الدين، وشَقَّ على نفسه بالذهاب إلى جدال هؤلاء الصناديد، وكأن الحق سبحانه يشفق على رسوله أن يشقَّ على نفسه، فالعتاب هنا حِرْصاً على رسول الله وعلى راحته.
وكذلك في قوله تعالى:{ياأيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[التحريم: ١]
والتحريم تضييق على النفس، فالحق سبحانه يعتب على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأنه ضيَّق على نفسه، وحرَّم عليها ما أحلَّه الله لها. كما تعتب على ولدك الذي سَهِر طويلاً في المذاكرة حتى أرهقَ نفسه، فالعتاب لصالح الرسول لا ضده.
ثم يقول الحق سبحانه:{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السماوات والأرض ... } .