مؤمن، لكنه أخذ يستقرئ صفحة التاريخ، ويسجِّل أصحاب الأعمال الجلية التي أثَّرت في تاريخ البشرية، فوجدهم مائة، وبالمقارنة بينهم وجد أن أعظمهم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ومع ذلك لم يتربَّ محمد في مدرسة، ولم يتخرج في جامعة، ولم يجلس إلى مُعلم.
ألم تسأل نفسك أيها المؤلف: من أين أتى محمد بهذه الأوليّة؟ ولماذا استحق أن يكون في المقدمة؟ لقد ذكرتَ حيثيات النبوغ في جميع شخصياتك، من تربية ودراسة في جامعات وعلى أساتذة وإطلاع وأبحاث، فلماذا لم تذكر حيثيات النبوغ في رسول الله؟ ألم تعلم أنه أُميّ في أمة أُميّة؟ مما يدل على أن هذا الباحث تناول هذه القضية بعقله لا بقلبه.
نعود إلى مسألة الإهلاك والعذاب؛ لأنها أثارتْ خلافاً بين رجال القانون في موضوع إقامة حَدِّ الرجْم على الزاني المحصن والجَلْد للزاني غير المحصن، فقد رأى جماعة منهم أن الجلد ثابت بالقرآن، أما الرجم فثابت بالسنة، لذلك قال بعضهم بأن رجم الزاني المحصَن سنة.
وهذا قول خاطئ وبعيد عن الصواب، لأن هناك فرقاً بين سُنية الدليل وسُنية الحكم، فسُنية الدليل أن يكون الأمر فَرْضاً، لكن دليله من السنة كهذه المسألة التي معنا. وكصلاة المغرب مثلاً ثلاث ركعات وهي فَرْض لكن دليلها من السنة، أما سُنية الحكم فيكون الحكم نفسه سُنة يُثَاب فاعله، ولا يُعَاقب تاركه كالتسبيح ثلاثاً في الركوع مثلاً.