على المخالفين لكم من الرأسماليين والإقطاعيين عام ١٩١٧ وما بعدها، فقالوا: إنهم يستحقون أكثر من ذلك، فقد فعلوا كذا وكذا، قُلْت: منذ متى؟ قالوا: طوال عمرهم وهم يفعلون ذلك، فقلتُ: إذا كنتم أخذتم المعاصرين لكم بذنوبهم، فما بال الذين سبقوهم؟ وما حظّهم من العقاب الذي أنزلتموه بإخوانهم؟ قالوا: ما أدركناهم.
قلت: إذن كان من الواجب عليكم أنْ تؤمنوا باليوم الآخر، حيث سيعذب فيه هؤلاء، فإنْ أفلتوا من عذاب الدنيا جاءت الآخرة لتُصفّي معهم الحساب، كما يقول تعالى:{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ. .}[الطور: ٤٧] وأريد منكم أنْ تطلعوا على تفسير هذه الآية التي نحن بصددها: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القيامة أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذلك فِي الكتاب مَسْطُوراً}[الإسراء: ٥٨]
راجعوا تفسيرها في كتاب النسفي، وسوف تجدون به أمثلة تُؤيّد هذه الآية، يقول: قرية كذا سيحدث لها كذا، وقرية كذا سيحدث لها كذا. وقد جاء الواقع على وفق ما قال، إلى أن ذكر مصر وقال عنها كلاماً طويلاً أظن أنه يُمثِّل ما أصاب مصر منذ سنة ١٩٥٢، وكان مما قال عنها: ويدخل مصر رجل من جهينة فويْلٌ لأهلها، وويل لأهل الشام، وويل لأهل أفريقيا، وويل لأهل الرملة، ولا يدخل بيت المقدس. اقرأوا هذا الكلام عند النسفي.
ثم يقول تعالى:{كَانَ ذلك فِي الكتاب مَسْطُوراً}[الإسراء: ٥٨]