بل وأكثر من ذلك ظلموا بها أي: جاروا على الناقة نفسها، وتجرّأوا عليها فعقروها.
وهذه السابقة مع ثمود هي التي منعتنا عن إجابة أهل مكة فيما اقترحوه من الآيات، وليس عَجْزاً مِنَّا عن الإتيان بها.
وقوله تعالى عن الناقة أنها آية {مُبْصِرَةً} لبيان وضوحها كما في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَآ آيَةَ النهار مُبْصِرَةً. .}[الإسراء: ١٢] فهل آية النهار مُبصِرة، أم مُبْصِر فيها؟
كانوا قديماً يعتقدون أن الإنسان يرى الشيء من شعاع ينطلق من عينة إلى الشيء المرئيّ فتحدث الرؤية، إلى أن جاء ابن الهيثم وأثبت خطأ هذه المقولة، وبيّن أن الإنسان يرى الشيء إذا خرج من الشيء شعاع إلى العين فتراه، بدليل أنك ترى الشيء إذا كان في الضوء، ولا تراه إذا كان في ظلمة، وبهذا الفهم نستطيع القول بأن آية النهار هي المبصرة؛ لأن أشعتها هي التي تُسبّب الإبصار.
ثم يقول تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ بالآيات إِلاَّ تَخْوِيفاً}[الإسراء: ٥٩]
أي: نبعث بآيات غير المعجزات لتكون تخويفاً للكفار والمعاندين، فمثلاً الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اضطهده أهل مكة ودبَّروا لقتله جهاراً وعلانية، فخيّب الله سَعْيهم ورأوا أنهم لو قتلوه لَطالبَ أهله بدمه، فحاكوا مؤامرة أخرى للفتك به بليل، واقترحوا أنْ يُؤْتَى من كل قبيلة بفتى جَلْدٍ، ويضربوه ضَرْبة رجل واحد.
ولكن الحق سبحانه أطلع رسوله على مكيدتهم، ونجّاه من غدرهم، فإذا بهم يعملون له السحر لِيُوقِعوا به، وكان الله لهم