للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل أجناس الكون حتى من الملائكة، ألم يَقُلْ الحق سبحانه: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله. .} [الرعد: ١١]

وقال تعالى: {فالمدبرات أَمْراً} [النازعات: ٥]

فالكون كله يدور من أجلك وفي خدمتك، يعطيك عطاءً دائماً لا ينقطع دون سَعْي منك، لذلك نقول: كان من الواجب على العقل المجرد أنْ يقفَ وقفه تأمُّل وتفكُّر؛ ليصل إلى حَلٍّ للغز الكون، وليهتدي إلى أن له خالقاً مُبْدعاً، يكفي أن أنظر إلى آيات الله التي تخدمني، وليس له قدرة عليها، وليست تحت سيطرتي، فالشمس والقمر والنجوم والأرض والهواء والماء والمطر والسحاب كلها تعطيني وتُمدّني دون قدرة لي عليها، أليس من الواجب عليك عدلاً أن تقول: مَنِ الذي أعدّ لي كلَّ هذه الأشياء التي ما ادَّعاهَا أحد لنفسه؟

فإذا ما صاح صائح منك أيُّها الإنسان وقال: أنا رسول من الرب الذي خلق لكم كل هذه المخلوقات، كان يجب عليكم أنْ تُرهِفُوا له السمع لتسمعوا ما جاء به؛ لأنه سوف يحلُّ لكم هذا اللغز الذي حيّركم.

وسبق أنْ ضربنا مثلاً لذلك بالرجل الذي انقطعتْ به السُّبل في الصحراء حتى أشرف على الهلاك، فإذا هو بمائدة مُعدَّة بأطايب الطعام والشراب، أليس حَرياً به قبل أنْ تمتد يده إليها أنْ يفكر كيف أتتْه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>