بُخْلهم وعدم إكرامهم لهم، على حَدِّ قوله تعالى:{لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً. .}[الكهف: ٧٧]
ولما اتفقوا معهم على جُعل من الطعام والشياه قام أحدهم برقية اللديغ بسورة الفاتحة فبرئ، فأكلوا من الطعام وتركوا الشياه إلى أنْ عادوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وسألوه عن حِلِّ هذا الجُعْل فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«ومَنْ أدراك أنها رقية» أي: أنها رُقْية يرقى بها المريض فيبرأ بإذن الله، ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«كلوا منها، واجعلوا لي سهماً معكم» .
فشفاء أمراض البدن شيء موجود في السُّنة، وليس عجيبة من العجائب؛ لأنك حين تقرأ كلام الله فاعلم أن المتكلم بهذا الكلام هو الحق سبحانه، وهو رَبّ كل شيء ومليكه، يتصرّف في كونه بما يشاء، وبكلمة (كُنْ) يفعل ما يريد، وليس ببعيد أنْ يُؤثّر كلام الله في المريض فيشفى.
ولما تناقش بعض المعترضين على هذه المسألة مع أحد العلماء، قالوا له: كيف يُشْفَى المريض بكلمة؟ هذا غير معقول، فقال العالم لصاحبه: اسكت أنت حمار!! فغضب الرجل، وهَمَّ بترك المكان وقد ثارت ثورته، فنظر إليه العالم وقال: انظر ماذا فعلتْ بك كلمة، فما بالُكَ بكلمة، المتكلّم بها الحق سبحانه وتعالى؟ ثم يقول تعالى:{وَلاَ يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَاراً}[الإسراء: ٨٢] لأنهم بظُلْمهم واستقبالهم فُيوضات السماء بملَكَات سقيمة، وأجهزة متضاربة متعارضة، فلم ينتفعوا بالقرآن، ولم يستفيدوا برحمات الله.