لذلك رَدَّ الحق سبحانه على تعنُّت الكفار فيما طلبوه من رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قائلاً:{سُبْحَانَ رَبِّي. .}[الإسراء: ٩٣] لأن الأمور التي طلبوها أمور بلغتْ من العجب حَدَّاً، ولا يمكن أن يُتعجب منها إلا بسبحان الله؛ لأنها كلمة التعجُّب الوحيدة والتي لا تُطلَق لغير الله، وكأنه أرجع الأمور كلها لله، ولقد كان لهم غِنىً عن ذلك في كتاب الله الذي نزل إليهم:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلك لَرَحْمَةً وذكرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: ٥١]
والهمزة هنا للاستفهام المراد به التعجُّب أيضاً: أيطلبون هذه الآيات، ولم يكْفِهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب، وقد كان فيه غناءٌ لهم.
ثم يقول تعالى:{هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً}[الإسراء: ٩٣]
هل ادعيْتُ لكم أَنِّي إله؟! ما أنا إلا بشر أبلغكم رسالة ربي، وأفعل ما يأمرني به، كما في قوله تعالى:{قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نفسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[يونس: ١٥]
ثم يقول الحق سبحانه:{وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى إِلاَّ أَن قالوا أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً} .