وفي موضع آخر يقول سبحانه:{واضرب لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القرية إِذْ جَآءَهَا المرسلون إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثنين فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فقالوا إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرحمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ}[يس: ١٣ - ١٥]
إذن: فاعتراضهم على بشرية الرسول أمر قديم توارثه أهل الكفر والعناد من أيام نوح عليه السلام ألم يَقُلْ له قومه: {فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا. .}[هود: ٢٧]
لذلك يدعونا الحق سبحانه وتعالى إلى النظر في السُّنة المتبعة في الرسل:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ. .}[النحل: ٤٣]
أي: ليسوا ملائكة، لا بُدَّ أنْ يكونوا رجالاً لِيتمّ اللقاء بينكم، وإلاّ فلو جاء الرسول مَلَكاً كما تقولون، هل ستروْن هذا الملَك؟ قالوا: لا هو مُستتر عنَّا، لكنه يرانا، لكن تبليغ الرسالة لا يقوم على مجرد الرؤية، فتبليغ الرسالة يحتاج إلى مخالطة ومخاطبة، وهنا لا بُدَّ أنْ يتصوّر لكم الملَك في صورة رجل ليؤدي مهمة البلاغ