غيره في مجال الهدى، أما في الضلال فجاءتْ (مَنْ) دالة على الجمع المذكر؟ نقول: لأنه لاحظ لفظ (من) فأفرد الأولى، ولاحظ ما تطلق عليه (من) فجمع الثانية: {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ. .}[الإسراء: ٩٧]
وهنا مَلْحظ دقيق يجب تدبُّره: في الاهتداء جاء الأسلوب بصيغة المفرد: {وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد. .}[الإسراء: ٩٧] لأن للاهتداء سبيلاً واحداً لا غير، هو منهج الله تعالى وصراطه المستقيم، فللهداية طريق واحد أوضحه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقوله:«لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» .
أما في الضلال، فجاء الأسلوب بصيغة الجمع:{فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ. .}[الإسراء: ٩٧] لأن طرق الضلال متعددة ومناهجه مختلفة، فللضلال ألف طريق، وهذا واضح في قول الحق سبحانه:{وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ. .}[الأنعام: ١٥٣]
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما قرأ هذه الآية خَطَّ للصحابة خَطّاً مُسْتقيماً، وخَطَّ حوله خطوطاً مُتعرّجة، ثم أشار إلى الخط المستقيم وقال:«هذا ما أنا عليه وأصحابي» .