للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نواةً لخلْقِك من جديد، وبمنطق هؤلاء المنكرين أيهما أهوَنْ في الخَلْق: الخَلْق من شيء موجود، أم الخَلْق ابتداءً؟

وقد رد عليهم الحق سبحانه بقوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق: ٤]

أي: في علمه سبحانه عدد ذرات كل مِنّا، وكم في تكوينه من مواد، لا ينقص من ذلك شيء، وهو سبحانه قادر على جمع هذه الذرات مرة أخرى، وليس أمره تعالى متوقفاً على العلم فقط، بل عنده كتاب دقيق يحفظ كل التفاصيل، ولا يغيب عنه شيء.

وقال تعالى كذلك في الرد عليهم: {أَفَعَيِينَا بالخلق الأول بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق: ١٥] أي: في خَلْط وشَكٍّ وتردُّد.

وقد ناقشنا مِنْ منكري البعث الشيوعيين الذي قتَّلوا في أعدائهم، وأخذوا أموالهم مُعاقبةً لهم على ما اقترفوه من ظلم الناس، فكنت أقول لهم: فما بال الذين ماتوا من هؤلاء، ولم يأخذوا حظّهم من العقاب؟ وكيف يذهبون هكذا ويُفلتون بجرائمهم؟ لقد كان الأَوْلَى بكم أنْ تؤمنوا بالآخرة التي يُعاقب فيها هؤلاء الذين أفلتوا من عقاب الدنيا، حتى تتحقق عدالة الانتقام.

وقوله تعالى: {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} [الإسراء: ٩٨]

إنهم يستبعدون البعث من جديد؛ لذلك فالحق سبحانه وتعالى يجاري هؤلاء ويتسامح معهم، فيقول: {وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. .} [الروم: ٢٧]

فإعادة شيء كان موجوداً أسهلُ وأهونُ من إيجاده مِنْ لا شيء،

<<  <  ج: ص:  >  >>