يُخفّف عنهم العذاب. . لا {يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل. .}[الكهف: ٢٩] أي: فإنْ طلبوا الغَوْث بماء بارد يخفف عنهم ألم النار، فإذا بهم بماء كالمهل.
والمهْل هو عُكَارة الزيت المغلي الذي يسمونه الدُّرْدِيّ، أو هو المذاب من المعادن كالرصاص ونحوه، وهذا يحتاج إلى حرارة أعلى من غَلْي الماء، وهكذا يزدادون حرارة فوق حرارة النار، ويُعذَّبون من حيث ينتظرون الرحمة.
وقوله تعالى هنا:{يُغَاثُواْ} أسلوب تهكميّ؛ لأن القاعدة في الأساليب اللغوية أنْ تخاطب المخاطب على مقتضى حاله، فتهنئه حال فرحه، وتعزيه حال حزنه بكلام موافق لمقتضى الحال، فإنْ أخرجتَ المقتضى عن الحال الذي يطلبه، فهذا ينافي البلاغة إلا إنْ أردتَ التهكُّمَ أو الاستهزاء.
إذن: فقوله تعالى: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل. .}[الكهف: ٢٩] تهكّم بهم، لأن الكلام فيه خرج عن مقتضى الحال، كما يقول الوالد لولده الذي أخفق في الامتحان: مبارك عليك السقوط.
ومعنى:{يَشْوِي الوجوه. .}[الكهف: ٢٩] أن الماء من شدة حرارته يشوي وجوههم، قبل أن يدخل أجوافهم:{بِئْسَ الشراب. .}[الكهف: ٢٩] أي: الذي يغاثون به {وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً}[الكهف: ٢٩] المرتفق هو الشيء الذي يضع الإنسان عليه مِرْفقه ليجلس مُستريحاً، لكن بالله هل هناك راحة في جهنم؟
إذن: فهذه أيضاً من التهكّم بهم وتبكيتهم، كما قال تعالى