بعد أن جاء الأمر الإلهي في قوله تعالى:{فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ. .}[الكهف: ٢٩] أراد سبحانه أنْ يُبيّن حكم كُلٍّ من الاختيارين: الإيمان، والكفر على طريقة اللَّفِّ والنشر، وهو أسلوب معروف في العربية، وهو أن تذكر عدة أشياء، ثم تُورِد أحكامها حَسْب ترتيبها الأول، أو تذكرها مُشوَّشة دون ترتيب.
ومن النوع الأول الذي يأتي فيه اللَّفُّ والنشْر على الترتيب قوله تعالى:{وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ. .}[القصص: ٧٣]
أي: لتسكنوا في الليل، وتبتغوا من فضل الله في النهار.
فالترتيب إذا كان الحكم الأول للمحكوم عليه الأول، والحكم الثاني للمحكوم عليه الثاني وهكذا، ومن ذلك قول الشاعر:
قَلْبِي وَجَفْنِي وَاللسان وخالقي ... هذه أربع مُخْبر عنها، فما قصتها وبماذا أخبرنا عنها؟ يقول: