ثم يقول تعالى:{يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ. .}[الكهف: ٣١] وقد يقول قائل: وما هذه الأساور من الذهب التي يتحلَّى بها الرجال؟ هذه من الزخرف والزينة، نراه الآن في طموحات الإنسان في زُخْرفية الحياة، فنرى الشباب يلبسون ما يُسمَّى (بالانسيال) وكذلك أساور الذهب في الآخرة زينة وزخرف، وفي آية أخرى، يقول تعالى:{وحلوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ. .}[الإنسان: ٢١]
فالأساور إما من ذهب أو فضة أو لؤلؤ؛ لذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن هذه الحلية في الآخرة أنها تبلغ ما بلغه الوضوء عند المؤمن.
ونلحظ في قوله تعالى:{يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ. .}[الكهف: ٣١] أن التحلية هنا للزينة، وليست من الضروريات، فجاء الفعل {يُحَلَّوْنَ} أي: حلاَّهم غيرهم ولم يقل يتحلون؛ لذلك لما تكلم بعدها عن الملبس، وهو من الضروريات قال:{وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ}[الكهف: ٣١]
فأتى بالفعل مبنياً للمعلوم؛ لأن الفعل حدث منهم أنفسهم بالعمل، أما الأولى فكانت بالفضل من الله، وقد قُدم الفضل على العمل، كما قال تعالى في آية أخرى:{قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ. .}[يونس: ٥٨]