للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَا ضَارِباً بِعَصَاهُ الحَجَر ... ضربْتَ العَصَا أَمْ ضربْتَ الحجَر؟

وضَرْب المثل يكون لإثارة الانتباه والإحساس، فيُخرجك من حالة إلى أخرى، كذلك المثَل: الشيء الغامض الذي لا تفهمه ولا تعيه، فيضرب الحق سبحانه له مثلاً يُوضِّحه ويُنبِّهك إليه؛ لذلك قال: {واضرب لهُمْ مَّثَلاً. .} [الكهف: ٣٢] وسبق أن أوضحنا أن الأمثال كلام من كلام العرب، يردُ في معنى من المعاني، ثم يشيع على الألسنة، فيصير مثلاً سائراً، كما نقول: جود حاتم، وتقابل أي جَوّاد فتناديه: يا حاتم، فلما اشتهر حاتم بالجود أُطلِقَتْ عليه هذه الصفة. وعمرو بن معد اشتُهِر بالشجاعة والإقدام، وإياس اشتُهِر بالذكاء، وأحنف بن قيس اشتهر بالحلم. لذلك قال أبو تمام في مدح الخليفة:

إِقْدامُ عَمْروٍ في سَمَاحَةِ حَاتِم ... في حِلْمِ أحنَفَ فِي ذَكَاءِ إياس

فأراد خصوم أبي تمام أن يُحقِّروا قوله، وأن يُسقِطوه من عين الخليفة، فقالوا له: إن الخليفة فوق مَنْ وصفتَ، وكيف تُشبّه الخليفة بهؤلاء وفي جيشه ألفٌ كعمرو، وفي خُزَّانه ألف كحاتم فكيف تشبهه بأجلاف العرب؟ كما قال أحدهم:

وَشبَّهه المدّاحُ في البَاسِ والغِنَى ... بمَنْ لَوْ رآهُ كانَ أَصْغر خَادِمٍ

فَفِي جيْشِه خَمْسُونَ أَلْفاً كعنْترٍ ... وَفي خُزَّانِه ألْفُ حَاتِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>