لرسول الله بالكتف وتصدّقت بالباقي، فلما جاء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:«ماذا صنعتِ في الشاة» ؟ قالت: ذهبتْ كلها إلا كتفها، فضحك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال:«بل بقيت كلها إلا كتفها» .
وفي حديث آخر قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«هل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبسْتَ فأبليْتَ، أو تصدَّقْتَ فأبقيْتَ» .
وهذا معنى:{والباقيات الصالحات خَيْرٌ. .}[الكهف: ٤٦]
والسؤال الذي يتبادر إلى الذِّهْن الآن: إذا لم يكُنْ المال والبنون يمثلان ضرورة من ضروريات الحياة، فما الضروريات في الحياة إذن؟ الضروريات في الحياة هي كُلُّ ما يجعل الدنيا مزرعة للآخرة، ووسيلة لحياة باقية دائمة ناعمة مسعدة، لا تنتهي أنت من النعيم فتتركه، ولا ينتهي النعيم منك فيتركك، إنه نعيم الجنة.
الضروريات إذن هي الدين ومنهج الله والقِيَم التي تُنظم حركة الحياة على وَفْق ما أراد الله من خلق الحياة.
ومعنى:{والباقيات}[الكهف: ٤٦] ما دام قال {والباقيات} فمعنى هذا أن ما قبلها لم يكُنْ من الباقيات بل هو زائل بزوال الدنيا، ثم وصفها بالصالحات ليفرق بينها وبين الباقيات السيئات التي يخلدون بها في النار.
{والباقيات الصالحات خَيْرٌ. .}[الكهف: ٤٦] خير عند مَنْ؟ لأن كل مضاف إليه يأتي على قوة المضاف إليه، فخَيْرك غير خير مَنْ هو أغنى منك، غير خير الحاكم، فما بالك بخير عند الله؟