منه لأبينا آدم واستكباره عن السجود له، وأن نذكر دائماً قوله:{أَرَأَيْتَكَ هذا الذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً}[الإسراء: ٦٢]
فانتبهوا ما دُمنا سنُسيّر الجبال، ونُسوِّي الأرض، ونحصر لكلٍّ كتابه، فاحذروا أنْ تقفوا موقفاً حرجاً يوم القيامة، ثم تُفَاجأوا بكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وها أنا أُذكّركم من الآن في وقت السَّعة والتدارك، فحاولوا التوبة إلى الله، وأنْ تصلحوا ما بينكم وبين ربكم.
والأمر هنا جاء للملائكة:{وَإِذْ قُلْنَا للملائكة. .}[الكهف: ٥٠] لأنهم أشرف المخلوقات، حيث لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يُؤمَرُون. وحين يأمر الله تعالى الملائكة الذين هذه صفاتهم بالسجود لآدم، فهذا يعني الخضوع، وأن هذا هو الخليفة الذي آمُركُم أنْ تكونوا في خدمته.
لذلك سمَّاهم: المدبّرات أمراً، وقال تعالى عنهم:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله}[الرعد: ١١] فكأن مهمة هؤلاء الملائكة أن يكونوا مع البشر وفي خدمتهم.
فإذا كان الحق سبحانه قد جنَّد هؤلاء الملائكة وهم أشرفُ المخلوقات لخدمة الإنسان، وأمرهم بالسجود له إعلاناً للخضوع للإنسان، فمن باب أَوْلى أن يخضع له الكون كله بسمائه وأرضه، وأن يجعلَه في خدمته، إنما ذكر أشرف المخلوقات لينسحب الحكم على مَنْ دونهم.