ورُوِي في السيرة حنين الجذع إلى رسول الله، وتسبيح الحصى في يده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وسبق أن أوضحنا هذه المسألة فقلنا: لا ينبغي أن نقول: سَبَّح الحصى في يد رسول الله؛ لأن الحصى يُسبِّح أيضاً في يد أبي جهل، لكن نقول: سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تسبيح الحصى في يديه.
ولا غرابة أن يعطينا القرآن أمثلة لكلام هذه الأشياء، فقد رأينا العلماء في العصر الحديث يبحثون في لغة للأسماك، ولغة للطير، ولغة للوطاويط التي أخذوا منها فكرة الرادار، بل وتوصلوا إلى أن الحيوان يستشعر بوقوع الزلزال وخاصة الحمار، وأنها تفرّ من المكان قبل وقوع الزلزال مباشرة. إذن: فلهم وسائل إدراك، ولهم لغة يتفاهمون بها، ولهم منطق يعبرون به.
ثم يقول الحق سبحانه عن فِعْل الخضر مع الجدار الذي قارب أن ينقض {فَأَقَامَهُ. .}[الكهف: ٧٧] أي: أصلحه ورمَّمه {قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً. .}[الكهف: ٧٧]
هذا قول موسى عليه السلام لما رأى لُؤْمَ القوم وخِسّتهم، فقد طلبنا منهم الطعام فلم يُطْعمونا، بل لم يقدموا لنا مجرد المأوى، فكيف نعمل لهم مثل هذا العمل دون أجرة؟
وجاء هذا القول من موسى عليه السلام لأنه لا يعلم الحكمة من وراء هذا العمل.
ثم يقول الحق سبحانه:{قَالَ هذا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ... } .