للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التالية أمر الموت حين قال: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخرة نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشاكرين} [آل عمران: ١٤٥]

إذن فأمر الموت مرهون بمشيئة الله وطلاقة قدرته وتحديده لكل أجل بوقت معلوم لا يتقدم ولا يتأخر، وسيلقى كل إنسان نتيجة عمله، فمن عمل للدنيا فقط نال جزاءه فيها، ومن عمل للآخرة فسيجزيه الله في دنياه وآخرته.

لذلك يصدر الأمر من الحق بقوله: {فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} فلم يكن بإرادتهم أن يصنعوا موتهم، أو أمر عودتهم إلى الحياة، لكنه أمر تسخيري. إنهم يموتون بطلاقة قدرته المتمثلة في «كن فيكون» . ويعودون إلى الحياة بتمام طلاقة القدرة المتمثلة في «كن فيكون» . فليس لهم رأي في مسألة الموت أو العودة للحياة، إنه أمر تسخيري، كما قال الحق من قبل للأرض والسماء: {ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ} [فصلت: ١١]

لقد شاءت قدرته أن يخلق السماء على هيئة دخان فوُجدت، وخلقه للسماوات والأرض على وفق إرادته وهو هين عليه بمنزلة ما يقال للشيء احضر راضيا أو كارها، فيسمع الأمر ويطيعه. وهذه أمور تسخيرية من الخالق الأكرم، وليس للمخلوق من سماوات وأرض وما بينهما إلا الامتثال للأمر التسخيري من الخالق عَزَّ وَجَلَّ. فعندما يقول الحق سبحانه: {مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} فهذا أمر تسخيري بالموت، وأمر تسخيري بعودتهم إلى الحياة.

وأليس الموت هو ما خافوه وفروا منه واحتاطوا بالهرب منه؟ نعم، لكن لا أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>